صحيح أن الناس يعرفون إسحاق نيوتن (1642م - 1727م) بقانون الجاذبية. بل للرجل أعمال فاضلة أخرى كحساب التكامل في الرياضيات، والبصريات، والفلك، والفلسفة، والخيمياء.
وقد ألف كتابات مناهضة ومشككة في الإنجيل ومبدأ الثالوث في العقيدة المسيحية. ففي نظره أن عبادة عيسى عليه السلام شرك كبير. وخوفا من جبروت الكنيسة لم يشارك آراءه مع زملاءه آنذاك. أما في عصرنا هذا، فإن بعضا من العلماء بدءوا باستخراج كتابات الرجل وآراءه الدينية، فتبين أنه كان موحدا لله بدون شك. ولك أن تقرأ في هذين المقالين المزيد عن هذا الأمر:
- Isaac Newton Religious views
- Religious views of Isaac Newton
وعلى أي، فإننا هنا لا يهمنا إثبات توحيد الرجل من عدمه؛ بل قانون الجاذبية الذي جاء به. فكما نعلم أن هذه الظاهرة الفيزيائية غلب أمرها على الهئيات العلمية من القرن 17م إلى الآن. وسؤالنا هنا: هل سبق أحد وتكلم عن موضوع الجاذبية في الأزمنة الغابرة؟
ياقوت الحموي وكتابه معجم البلدان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجدت قاموسا يدعى معجم البلدان، ألف بين سنتي 1178م و1229م. وفي الحقيقة، لم أعر اهتماما كببيرا به ضنا مني أنه لا يشرح إلا أسماء البلدان والجبال في ذاك العهد، ولربما انطمست أسماءها في عهدنا هذا، ففي ماذا سينفع المضطلعين على موقع العنقاء إذن؟
وعلى كل، فقد اضطر أحيانا لقراءة مقدمة المؤلف حتى أفهم طريقة تنظيمه لكتابه، وبالتالي يسهل علي تنظميمه وتنسيقه. ومن بين المقدمات التي أثارت انتباهي هي مقدمة معجم البلدان لياقوت الحموي. فالرجل عاش في القرن 12م وقد تطرق إلى موضوعي كروية الأرض وجاذبيتها. وإليك ما قال بالحرف عن الجاذبية:
والذي يعتمد عليه جماهيرهم، أن الأرض مدورة كتدوير الكرة، موضوعة في جوف الفلك كالمحّة في جوف البيضة، والنسيم حول الأرض جاذب لها من جميع جوانبها إلى الفلك، وبينه الخلق على الأرض، وأن النسيم جاذب لما في أبدانهم من الخفّة، والأرض جاذبة لما في أبدانهم من الثقل، لأن الأرض بمنزلة حجر المغناطيس الذي يجتذب الحديد وما فيها من الحيوان، وغيره بمنزلة الحديد.
وقال آخرون من أعيانهم: الأرض في وسط الفلك يحيط بها الفرجار في الوسط على مقدار واحد، من فوق وأسفل ومن كل جانب، وأجزاء الفلك تجذبها من كل وجه، فلذلك لا تميل إلى ناحية من الفلك دون ناحية، لأن قوة الأجزاء متكافئة، ومثال ذلك: حجر المغناطيس الذي يجتذب الحديد لأن في طبع الفلك أن يجتذب الأرض.
والعجيب في الاقتباس أن ياقوتنا هذا لم ينسب القول لنفسه، بل ذكر أنه الرأي السائد آنذاك. فمن كان أول من صرح بهذا الأمر؟
ومن هنا نقول أن موضوعي الكروية والجاذبية سبقا إسحاق نيوتن بما لا يقل عن 5 قرون. ولعلني أبحث في هذا الموضوع أكثر لأرى من كان أول السابقين إليه.
المراجع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- مخطوطة عن معجم البلدان: https://www.alukah.net/library/0/129615/